- 9843 زيارة

الصيام وتركيب القسطرة البولية

بقلم الدكتور عصام محمد عبده

يتساءل كثير من مرضى المسالك البولية عن حكم تركيب القسطرة البولية أثناء الصيام ، هل يفطر أم لا؟

والجواب  : أننا في الحقيقة  نحتاج إلى تركيب القسطرة البولية ليس في فقط عند مرضى المسالك البولية إنما  نحتاجها تقريباً في معظم العمليات الجراحية التي تجرى بالتخدير العام  ، وكذلك في أمراض النساء والتوليد لتفريغ المثانة البولية لتسهيل الولادة وكذلك نحتاج إليها في حالات الطوارئ مثل احتباس البول ( urine retention  )  ، وكذلك ولا شك نحتاج إليها في أمراض المسالك البولية. وعادة ما تقطر بعض المضادات الحيوية أو المواد للتصوير الشعاعى بالصبغة.

لقد تكلم العلماء في السابق عن ما يشابه تركيب القسطرة البولية وهو التقطير في الإحليل فمنهم من قال التقطير في الإحليل ( مجرى البول) يفطر  لأنه دخول جرم إلى جوف  ومنهم  من لم يفطر به حيث قالوا أن ما يقطر ليس من قبيل الأكل أو الشرب أو ما يقوم مقامهما.

وهنا كلام لطيف للدكتور حسان شمسي باشا ، يقول الدكتور حسان : وقد اختلف الفقهاء في تحديد الجوف المقصود بأحكام الصيام . والحقيقة أنه لم يرد في القرآن الكريم ولا في السنة المطهرة أي نص على الجوف في موضوع الصيام . ولكن وقع المتقدمون من الفقهاء - جزاهم الله عنا خير جزاء - في بعض الالتباسات عندما فسروا " الجوف " بأنه كل ما يسمى جوفا وإن لم يكن مكان الطعام والشراب . فاعتبروا الدماغ جوفا وما هو مكانُ طعامٍ ولا شراب ، وأن من كان برأسه مأمومة ( إصابة بالدماغ ) ووصل الدواء إلى خريطة الدماغ أفطر . واعتبروا الإحليل والمهبل جوفاً وما هما بموضع الطعام والشراب . والفقهاء في ذلك معذورون ، فلم تكن هناك دراية كافية بتشريح جسم الإنسان في ذلك الحين .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية :  [ وأما الكحل والحقنة وما يقطر في إحليله، ومداواة المأمومة والجائفة ، فهـذا مما تنازع فيه أهل العلم ، فمنهم من لم يفطر بشيء من ذلك ، ومنهم من فطر بالجميع لا بالكحل ، ومنهم من فطر بالجميع لا بالتقطير، ومنهم من لم يفطر بالكحل ولا بالتقطير ويفطر بما سوي ذلك ، والأظهر أنه لا يفطر بشيء من ذلك؛ فإن الصيام من دين المسلمين الذي يحتاج إلى معرفته الخاص والعام ، فلو كانت هذه الأمور مما حرمها الله ورسوله في الصيام، ويفسد الصوم بها لكان هذا مما يجب على الرسول بيانه ، ولو ذكر ذلك لعلمه الصحابة وبلغوه الأمة كما بلغوا سائر شرعه ، فلما لم ينقل أحد من أهل العلم عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك لا حديثًا صحيحًا ولا ضعيفًا ولا مسندًا ولا مرسلاً علم أنه لم يذكر شيئًا من ذلك.] انتهى كلام شيخ الإسلام.

أما القسطرة فهي تماثل التقطير  في الإحليل من حيث دخول شيء إلى جوف من الأجواف فهي تأخذ حكمه ونحن نقول دائما أنه إذا أمكن تأجيل أي إجراء اختلف الفقهاء في جوازه أو منعه فالتأجيل إلى الليل أفضل ، لكن إذا اضطر المريض إليه فهو جائز لأننا نوافق مذهب من يرى تضييق دائرة المفطرات لا توسيعها.

الصورة مأخوذة عن موقع www.bmb.leeds.ac.uk

تركيب القسطرة هل يفطر الصائم؟

ولكن على أي حال إذا صاحب تركيب القسطرة إجراءات أخرى كتركيب محاليل مثل محلول الملح أو الجلوكوز أو لبنات الرينجر أو غيره مما يقوم مقام الغذاء ويغني عنه فإن المريض يفطر لا بسب التقطير نفسه ولكن بسبب ما صاحب التقطير أو تركيب القسطرة من إجراءات أخرى.

 أما إذا كان تركيب القسطرة لتحريك حصوة محتجزة سببت احتباسًا في البول فهو لا يعد مفطرا في حد ذاته والله أعلم

وإليك أخي القارئ نص قرارمجمع الفقه الإسلامي في دورته العاشرة المنعقدة في جدة خلال الفترة من 23 - 28 صفر 1418 هـ ( 28 يونيو - 3 يوليو 1997 م ) :

حيث أشار المجمع إلى أن الأمور الآتية لا تعتبر من المفطرات :

[ ما يدخل الإحليل ، أي مجرى البول الظاهر للذكر والأنثى ، من قسطرة ( أنبوب دقيق ) أو منظار، أو مادة ظليلة على الأشعة ، أو دواء ، أو محلول لغسل المثانة .كل ذلك لا يعتبر من المفطرات ، لكن المجمع أضاف موصيا: ينبغي للطبيب المسلم نصح المريض بتأجيل مالا يضر تأجيله إلى ما بعد الإفطار من صور المعالجات المذكورة فيما سبق.]

وعليه فإن أمكن تأجيل تركيب القسطرة أو التقطير في الإحليل إلى ما بعد الإفطار فهو أولى خروجاً من الخلاف ودفعاً للشبهات واحتراماً لأقوال العلماء ، وفق الله الجميع لما فيه الخير وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

 

Top